شركة الرواد للاستثمارات العالمية – كانت الشركات الناشئة حول العالم من أكبر المتضررين عام 2022، ففي هذا العام قام المستثمرون بإبطاء وتيرة تمويلهم للمزيد من الشركات التقنية وذلك بسبب ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي كما تراجعت صناديق الاستثمار الجريء عن اندفاعها في المخاطرة غير المحسوبة برؤوس أموالها وذلك في ظل ظهور بوادر ركود اقتصادي عالمي، وهذا بطبيعة الحال أثَّر على الشركات العربية الناشئة طوال العام.
وفي هذا التقرير سوف نتحدث عن الشركات الناشئة وما حققته خلال عام 2022، ونُلقي نظرة على أهم الأحداث التي شهدتها، والتي ستنعكس بالتأكيد على عام 2023 الذي يؤكد الاقتصاديون أنه سيشهد “ذروة الركود الاقتصادي”. ولكن في البداية لا بد من مقارنة عام 2022 مع العام الذي سبقه 2021
لنتذكر عام 2021
خلال عام 2021، حصدت الشركات الناشئة العربية قدرا كبيرا من التمويلات عُدَّ الأكبر مقارنة بالسنوات الماضية، حيث جمعت الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو مليارَيْ دولار، عبر أكثر من 400 صفقة تمويل لشركات ناشئة من المحيط إلى الخليج تعمل في أسواق وقطاعات مختلفة. بالتأكيد قد يكون عدد الصفقات التمويلية أكبر من ذلك الرقم، ولكن الإشارة هنا إلى الصفقات مُعلَنة القيمة.
احتلت الإمارات المركز الأول من حيث عدد وقيمة صفقات التمويل للشركات الناشئة التي تعمل على أراضيها، حيث استحوذت شركاتها على تمويلات تزيد على نصف إجمالي التمويلات العربية (نحو مليار دولار) ثم جاءت المملكة العربية السعودية في المركز الثاني، ثم حلَّت مصر في المركز الثالث. وجاء على رأس القطاعات الأكثر تمويلا قطاع التكنولوجيا المالية، ثم قطاع التقنية المالية “فنتك” (Fintech)، ثم التجارة الرقمية فخدمات النقل والتوصيل. هذا النشاط التمويلي الكبير رفع إجمالي عدد الشركات الناشئة التي تجاوزت قيمتها المليار دولار (يونيكون) إلى 6 شركات عربية.
من بين مئات صفقات التمويل، احتلت 5 شركات ناشئة هرم الصفقات التي يمكن وصفها بـ”الصفقات الضخمة” (Mega Deals)، على رأسها شركة “كيتوبي” (Kitopi) الإماراتية للمطابخ السحابية التي حصدت أكبر صفقة تمويلية شهدتها المنطقة بقيمة 415 مليون دولار، ثم شركة “يونيفونيك” السعودية للخدمات السحابية بتمويل قدره 125 مليون دولار، ثم تطبيق “حالا” (Halan) المصري متعدد الاستخدامات (سوبر أبلكيشن) الذي حصد 120 مليون دولار، ثم “تمارا” السعودية للتقنية المالية بتمويل 110 ملايين دولار، وأخيرا شركة النقل التشاركي “سويفل” (SWVL) التي طُرحت في بورصة ناسداك.
أما بالنسبة لصفقات الاستحواذ، فقد شهدت المنطقة استحواذات عالمية على عدد من الشركات الناشئة العربية، على رأسها استحواذ شركة “ستيل فرونت غروب” السويدية على منصة “جواكر” الأردنية للألعاب بقيمة 205 ملايين دولار، كما استحوذت شركة “تمر” السعودية على منصة “ممزوورلد” للتجارة الرقمية، فيما أعلنت “الشركة السعودية للإعلام” =استحواذها على حصة الأغلبية في منصة “ثمانية”، وغيرها من صفقات الاستحواذ التي شهدها عام 2021.
الشركات العربية الناشئة في عام 2022
عام 2022، فرغم جميع الأزمات التي شهدها العالم بسبب حالة التضخم واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار وانعكاسها بشكل حاد على جولات التمويل والاستثمار في الشركات الناشئة، فإن الشركات الناشئة في المنطقة حققت نموا استثنائيا مقارنة بالأعوام السابقة، حيث تجاوز إجمالي التمويلات التي حققتها في مختلف القطاعات 3.43 مليارات دولار.
هذا الارتفاع في قيمة التمويلات قابله ارتفاع في عدد الصفقات أيضا، حيث تجاوز عددها 550 صفقة تمويل شملت شركات ناشئة في مختلف الدول العربية وفي مختلف القطاعات. تصدرت الإمارات المركز الأول في قيمة الاستثمارات حيث جذبت شركاتها نحو 43% من إجمالي التمويلات، ثم جاءت السعودية في المرتبة الثانية بنسبة 27%، ثم مصر في المركز الثالث بنسبة 16%.
كان النصف الأول من العام هو الأكثر نشاطا في حصد التمويلات، حيث جمعت الشركات نحو 1.8 مليار دولار عبر 332 صفقة، وهو رقم يقترب من إجمالي التمويلات التي حصدتها الشركات خلال عام 2021. لاحقا، وبقدوم النصف الثاني من العام، تراجعت وتيرة التمويلات والصفقات بشكل ملحوظ مقارنة بالنصف الأول، رغم حصول عدد من الشركات الناشئة على تمويلات يمكن وصفها بـ”الضخمة”.
ولكن يبقى السؤال الأبرز هو كيف سيكون عليه الوضع في العام 2023 في ظل كل هذه الصعوبات والتوقعات الاقتصادية السلبية؟